عقيل الحمداني كربلاء برؤية جديدة 10- اسباب اختيار الامام الحسين ع العراق قاعدة لثورته المباركة ؟؟؟

    الابحاث والمقالات

    كربلاء برؤية جديدة 10- اسباب اختيار الامام الحسين ع العراق قاعدة لثورته المباركة ؟؟؟

       
    1817 مشاهدة   |   0 تقييم
    تحديث   20/09/2016 10:55 صباحا

    كربلاء برؤية جديدة 10- اسباب اختيار الامام الحسين ع العراق قاعدة لثورته المباركة ؟؟؟

     

    الأولى : لماذا توجّه الإمام الحسين عليه‌ السلام الى العراق؟

     

    وهو سؤال هام جدا يحدد لنا كيفية تخطيط الامام المعصوم من اجل انجاح نهضته وتلقين ال امية الدروس وفضح اعلامهم وتغيير الكثير من المعادلات التي حكموا بها الناس ..والامام الحسين عليه السلام هو من سيجيبنا على هذا السؤال الهام .

     

    فيظهر من خلال تتبع الروايات وكلمات الامام الحسين عليه السلاموخطبه وحواراته مع الناس ان هنالك اهدافا قصدها الامام الحسين عليه السلامفي مسيرة للعراق :

    السبب الأول – ان قصده عليه السلامللعراق هو من اجل كون العراق هو محل اتباعه وشيعته .

    ففي معرض إجابته عليه ‌السلام عن سؤال عبداللّه بن عيّاش بن أبي ربيعة بالأبواء -: أين تريدُ يا ابن فاطمة؟

    قال الإمام عليه ‌السلام : العراق وشيعتي!. ([1]).  ويُلاحظ أنّ هذه المحاورة تمّت في الأبواء قبل وصول الإمام عليه ‌السلام إلى مكّة، أي قبل وصول رسائل أهل الكوفة إليه، فتأمّل!

    فلقد كانت نظرة الامام الحسين عليه السلام لشيعة الكوفة وعلى الرغم من انهم اقلية يومها قياسا ببقية ابناء المذاهب والاديان الاخرى لكنا كانت نظرة فاحصة وملؤها الاجلال والاحترام .

    فلقد كانت الكوفة «مهداً للشيعة، وموطناً من مواطن العلويين، وقد أعلنت إخلاصها لأهل البيت في كثير من المواقف و قد خاض الكوفيون حرب الجمل و صفين مع الامام، وكانوا يقولون له: «سِر بنا يا أميرالمؤمنين حيث أحببت، فنحن حزبك وأنصارك، نُعادي من عاداك، ونشايع من أناب إليك وأطاعك»،([2]).  

    وقال علي عليه السلام : «يا أهل الكوفة، أنتم إخواني وأنصاري وأعواني على الحقّ، ومجيبيَّ إلى جهاد المحلّين، بكم أضرب المدبر، وأرجو إتمام طاعة المقبل». ([3]).  

    .ويقول عليه ‌السلام : «الكوفة كنز الإيمان، وجمجمة الإسلام، وسيف اللّه ورمحه، يضعه حيث يشاء. » ([4]).

    روى البلاذري عن العتبي: أنّ الوليد بن عتبة حجب أهل العراق عن الإمام الحسين عليه ‌السلام (أي منعهم من اللقاء به، وهذا يعني أنّهم كانوا يأتون لملاقاته في المدينة المنوّرة، وبصورة ملفتة ومثيرة لانتباه السلطة)، فقال الحسين عليه‌ السلام :

    «يا ظالماً لنفسه، عاصياً لربّه، علام تحول بيني وبين قوم عرفوا من حقّي ما جهلته أنت وعمّك!؟» ([5]).

     

    والسبب الثاني: لاختيار الامام الحسين عليه السلام ارض العراق ارض انطلاقه نهضته المميزة في التاريخ ان السماء اختارت العراق وكربلاء تحديدا لكي تكون موضع الملحمة الكبرى في التاريخ التي يستشهد فيها الامام الحسين عليه السلام  مدافعا عن كل قيم السماء وعن كل ارث النبوات الخالد .

    ومما يؤيد ما ذهبنا اليه :

    لما قرر الإمام عليه ‌السلام الخروج من المدينة أتته أمّ سلمة رضي‌ الله‌ عنها فقالت: يا بُني لا تحزنّي بخروجك الى العراق، فإني سمعت جدّك يقول: يُقتل ولدي الحسين عليه ‌السلام بأرض العراق في أرض يقال لها: كربلاء!

    فقال لها: « يا أمّاه، وأنا واللّه أعلم ذلك، وأنّي مقتول لامحالة، وليس لي من هذا بدٌّ، وإنّي واللّه لأعرف اليوم الذي أُقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أُدفن فيها، وإنّي أعرف من يُقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي، وإنْ أردتِ يا أُمّاه أُريك حفرتي ومضجعي! ». ([6]).  

    وهذا الكلام الصادر من المعصوم واضح الدلالة في اختياره ارض العراق مارض مصرع له كما اخبرته النبوة عن طريق السماء وبالتالي هذه القضية تنفي الكثير من القضايا التي حاول اهل التاريخ وضعها كنصوص باهته تسئ لمقام الحسين عليه السلام ومنها عدم معرفة الحسين عليه السلام باسم الارض التي نزلها او عدم معرفته بخطط اهل الشام ،وان اهل الكوفة من شيعته خذلوه فلو خذله شيعته كلهم لتبرأ منهم ولذكرهم في خطبه المدوية التي القاها في كربلاء الشهادة .

    السبب الثالث : ان الحسين عليه السلام تاقت نفسه للشهادة في سبيل الله تعالى وانه احب تربة العراق وشاطئ الفرات ان يدفن فيه فانطلق نحو العراق وشرف الله تعالى به العراق وتربته .

    فقد قال الحسين عليه السلام لابن الزبير: ( لئن أُدفن بشاطئ الفرات أحبُّ إلىَّ من أن أُدفن بفناء الكعبة..). ([7]).  

    الإضاءة الثانية :

    هلع السلطة الأموية من خبر خروج الإمام عليه ‌السلام الى العراق !

     

    روى ابن قتيبة الدينوري أنّ عمرو بن سعيد بن العاص والي مكّة حينما بلغه خبر خروج الإمام الحسين عليه‌ السلام عن مكّة المكرّمة قال: «إركبوا كُلَّ بعير بين السماء والأرض فاطلبوه!»، فكان الناس يعجبون من قوله هذا، فطلبوه فلم يُدركوه! ([8]).  

    أنَّ الأمر المهمّ الذي يكشف عنه هذا النص هو الهلع الكبير والذعر البالغ اللذان انتابا السلطة الأموية لخروج الإمام عليه ‌السلام بالفعل، حتى كأنَّ والي مكّة آنذاك أراد أن يُعبّيء كلّ واسطة بين السماء والأرض ويسخّرها لمنع الإمام عليه‌ السلام من الخروج عن مكّة!

    وبالفعل حاول اشياع ال ايمة منع الامام الحسين عليه السلام من الخروج بموكبه الرسالي الى العراق .

    نقل المؤرخ الطبري عن عقبة بن سمعان قال: «لما خرج الحسين من مكّة اعترضه رُسلُ عمرو بن سعيد بن العاص، عليهم يحيى بن سعيد، فقالوا له: انصرف، أين تذهب!؟ فأبى عليهم ومضى، وتدافع الفريقان فاضطربوا بالسياط، ثمّ إنَّ الحسين وأصحابه امتنعوا منهم امتناعاً قويّاً، ومضى الحسين عليه‌ السلام على وجهه، فنادوه: يا حسين، ألا تتّقي اللّه! تخرج من الجماعة وتفرّق بين هذه الأمّة!؟ فتأوّل حسين قول اللّه عزّ وجلّ (لي عملي ولكم عملكم، أنتم بريئون ممّا أعمل وأنا بريء ممّا تعملون).». سورة يونس: ٤١..([9]).  

     

    إنّ التدبّر في النص اعلاه يكشف بوضوح عن أنّ القوّة العسكرية الأموية لم تكن كافية لمنع الإمام عليه ‌السلام من الخروج، ذلك لأنّ المفروض أن يستعمل عمرو الأشدق كلّ ما لديه من إمكانيّة وقوّة في مثل هكذا مواجهة تقع خارج حدود مدينة مكّة لقهر الركب الحسينيّ الكبير نسبياً حتى ذلك الوقت وإرغامه على الرجوع إلى مكّة، غير أنّ واقع الحال لم يعدُ أن تدافع الفريقان واضطربوا بالسياط، وكان امتناع الركب الحسينيّ (امتناعاً قويّاً)، فخاف الأشدق من تفاقم الأمر! وأمر (رُسلَه) أو (جنده) بالإنصراف خائبين، ولاشك أنّ معنى تفاقم الأمر هنا هو خوف الأشدق من انقلاب السحر على الساحر إذا طال التدافع وامتدّت المناوشة بين الفريقين وانتهى الأمر بهما إلى مواجهة حربية صريحة. ([10]).

     

     

     


    ([1]) تأريخ ابن عساكر (ترجمة الإمام الحسين عليه‌ السلام /تحقيق المحمودي): ٢٩٤، رقم  ٢٥٦

    ([2])ابن قتيبة ،الإمامة والسياسة، ٢٣١:١.

    ([3])ابن قتيبة ،الإمامة والسياسة، ٢٣٠:١.

    ([4]) القرشي ، حياة الإمام الحسين بن علي عليه‌ السلام ، ٣: ١٢ - ١٣.

     

    ([5])البلاذري ،أنساب الأشراف: ٣: ١٥٦ - ١٥٦، حديث ١٥.

     

    ([6]) المجلسي ، بحار الأنوار، ٤٤: ٣٣١ - ٣٣١.

    ([7]) ابن قولويه ،كامل الزيارات: ٧٣.

    ([8])ابن قتيبة الإمامة والسياسة، ٢: ٣. ابن عبد ربه ،والعقد الفريد، ٤: ٣٧٧.

    ([9])الطبري ،تأريخ الطبري، ٣: ٢٩٦.

    ([10])مع الركب الحسيني ج3 ص39.




    جميع الحقوق محفوظة لدى شركة ميديا لايف
    3:45