تحديث
20/09/2016 9:44 صباحا
كربلاء برؤية جديدة 8 - من الادلة التي تثبت ان كتائب مسلم ع لم تتخاذل عنه
ان اكذوبة تخاذل جيش مسلم ع عنه حتى التفت ولم يرى احدا حوله باتت من القضايا المشهورة ورب مشهور لا اصل له ولا دليل وهي قضية موضوعة اتى بها كتاب ال العباس وجعلوها من القضايا التي تسئ لحرمة ومقام سيدنا مسلم عليه السلام والتي تسئ لشيعة الكوفة الذين تفانوا للدفاع عن مسلم بن عقيل عليه السلام حتى استشهدوا بين يديه ..كما يؤكد ذلك النص الذي ذكره السيد ابن طاووس وابن عساكر : إنّ الحسين ( عليه السلام ) سار قاصداً لما دعاه الله إليه ، فلقيه الفرزدق الشاعر فسلّم عليه وقال : يا ابن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! كيف تركن إلى أهل الكوفة ، وهم الذين قتلوا ابن عمّك مسلم بن عقيل وشيعته ؟ قال : فاستعبر الحسين ( عليه السلام ) باكياً ، ثمّ قال : رَحِمَ اللهُ مُسْلِماً فَلَقَدْ صارَ إِلى رَوْحِ اللهِ وَرَيْحانِهِ وَجَنَّتِهِ وَرِضْوانِهِ ، أما إِنَّهُ قَدْ قَضى ما عَلَيْهِ وَبَقي ما عَلَيْنا([1]).
اذن النص واضح الدلالة ان شيعة مسلم تفانوا بين يديه وقتلوا وبالتاليلا نسمع لما قاله بعض الكتاب من قول ملؤه اساءة لمقام مسلم بن عقيل عليه السلام ولجهود شيعته المخلصين فأقرا قوله ثم اعرضه على النص اعلاه تجده كله مصادرة لدماء طاهرة اريقت في سبيل الحرية وقضية الامام الحسين عليه السلام المظلوم.
ويبدو أنّ مسلماً عليه السلام علم أنّ مجموعات ابن زياد التي أخذت تخذّل الناس عنه، بقيادة كثير بن شهاب، ومحمّد بن الأشعث، والقعقاع، وشمر، وشبث، وحجّار، أخذت تقطع عليه المدد من المجاهدين المقبلين إليه من ضواحي الكوفة وتعتقلهم، فبعث بقوّة عسكرية من المسجد بقيادة المجاهد عبدالرحمن بن شريح الشبامي ليدحر ابن الأشعث ويردّه الى القصر، تقول رواية الطبري: «فبعث ابن عقيل إلى محمّد بن الأشعث من المسجد عبدالرحمن بن شريح الشبامي، فمّا رأى محمّد بن الأشعث كثرة من أتاه أخذ يتنحّى- وأرسل القعقاع بن شور الذهلي إلى محمّد بن الأشعث: قد حُلْتُ على ابن عقيل من العرار- فتأخّر عن موقفه فأقبل حتى دخل على ابن زياد من قِبل دار الروميين»([2]).
والظاهر أنّ قوات مسلم عليه السلام لم تدحر مجموعة محمد بن الأشعث فحسب بل دحرت كلّ المجاميع التي أخرجها ابن زياد لرفع رايات الأمان ولتخذيل الناس واعتقال من يمكن اعتقاله من الثوّار، والدليل على هذا أنّ قادة هذه المجاميع مع مجاميعهم عادوا الى القصر مرّة أخرى، والأظهر أنهم عادوا منهزمين مقهورين، وعبيد اللّه بن زياد أكثر منهم انكساراً وخوفاً، تقول رواية الطبري: «فلما اجتمع عند عبيد اللّه كثير بن شهاب، ومحمّد، والقعقاع، فيمن اطاعهم من قومهم، فقال له كثير- وكانوا مناصحين لابن زياد- أصلح اللّه الأمير، معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شُرطك وأهل بيتك ومواليك، فاخرج بنا إليهم! فأبى عبيداللّه، وعقد لشبث بن ربعي لواءً فأخرجه!» ([3]).
ولا يتردد المتأمّل في المتون التاريخية التي تتحدّث عن نشوب القتال بين الطرفين في القطع بأنّ الثوّار بقيادة مسلم عليه السلام كانوا قد نفّذوا خطّتهم لاقتحام القصر، وأنّهم قاتلوا قتالًا شديداً لتحقيق النصر، كما أنّ قوّات ابن زياد قد دافعت عن القصر دفاعاً مستميتاً حتّى المساء، ومن هذه المتون التي تشير إلى ذلك قول ابن أعثم الكوفي: «وركب أصحاب عبيداللّه، واختلط القوم، فقاتلوا قتالًا شديداً ..» ([4]).
ويؤيده ما قاله العلامة ابن طاووس (ره): «وأقتتل أصحابه وأصحاب مسلم»([5]) وقول ابن نما (ره) الذي نقل صورة أوسع زمانيا بان امتد القتال بين كتائب مسلم بن عقيل عليه السلام وقوات ابن زياد الى الليل : «واقتتلوا قتالًا شديداً إلى أن جاء الليل.» ([6]).
وهذه كما تعلمون نصوص ذكرها أصحاب الاختصاص تثبت بصراحة وجود معارك عسكرية وقتال شديد بين قوات شيعة مسلم عليه السلام وقوات ابن زياد الدعي ..لكن انظر النقل التاريخي التقليدي بلا تمحيص او دراية او تحقيق كيف أوصل هذا الكاتب الى تغيير الحقائق وطمسها ،قال بعض الكتاب :(ومني جيش مسلم بهزيمة مخزية لم يحدث لها نظير في جميع فترات التاريخ، فقد هزمته الدعايات المضللة من دون أن تكون في قباله أية قوة عسكرية، ويقول المؤرخون :
ان مسلما كلما انتهى الى زقاق انسل جماعة من اصحابه، وفروا منهزمين وهم يقولون :" ما لنا والدخول بين السلاطين ! "
ولم يمض قليل من الوقت حتى انهزم معظمهم، وقد صلى بجماعة منهم صلاة العشاء في الجامع الاعظم فكانوا يفرون في أثناء الصلاة ، وما انهى ابن عقيل صلاته حتى انهزموا باجمعهم بما فيهم قادة جيشه..).
قلنا : وهذه افضع من تلك ان تتهم قيادات جيش مسلم بن عقيل عليه السلام بأجمعها بالانهزامية والخيانة اعتمادا على رواية مدلس كذاب هو مجالد بن سعيد فهذه جناية ليس بمثلها جناية وفرية تسئ لمقام اولئك الصفوة من قيادات اهل الكوفة ..فلو كان مسلم بن عوسجة او ابو ثمامة الصائدي وهما من قيادات حركة مسلم عليه السلام ومن ثم من ابطال كربلاء ..فلو كانا من المنهزمين كما حاول التاريخ ان يشيع ذلك ، لكان الامام الحسين عليه السلام قد قام بمحاسبتهما يوم كربلاء وحملهما دماء مسلم بن عقيل وشيعته التي اريقت ،ولكان الامام اغلظ لهما القول وطردهما من عرصة كربلاء الا ان يقال ان جيش الامام الحسين عليه السلام يوم كربلاء كان مأوى للمنهزمين والفاشلين عسكريا وهذا ما لا نقول به ابدا وان حاول الاعلام الاموي ان يشيع ذلك .
وابو ثمامة هو الذي قال له الامام الحسين عليه السلام في وقعة كربلاء ذكرت : « ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلّين الذاكرين ، نعم ، هذا أوّل وقتها »([7]) ولم يرد نص عن الحسين عليه السلام انه عنفه او طرده او حمله مسؤولية دماء اهل الكوفة نتيجة الانهزام كما قال نص صاحب الكتاب الذي نقلناه اعلاه .
ومسلم بن عوسجة شهد له اهل التاريخ بالشجاعة والفروسية والبسالة فكيف ينهزم ويترك مسلم بن عقيل عليه السلام وحيدا في الكوفة كما زعموا .
قال ابن حجر([8]): ( وكان صحابيّا ممّن رأى رسول الله صلى اللهعليه وآله وسلم ، وروى عنه الشعبي. وكان فارسا شجاعا ، له ذكر في المغازي والفتوح الإسلاميّة..)..فلو كان من المتخاذلين عن مسلم بن عقيل عليه السلام او من القيادات المنهزمة لما وقف عليه الامام الحسين عليه السلام يوم كربلاء وترحم عليه فقد روي : فلمّا انجلت الغبرة إذا هم بمسلم بن عوسجة صريعا ، فمشى إليه الحسين عليه السلام فإذا به رمق ، فقال له الحسين عليه السلام : « رحمك الله يا مسلم { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } سورة الأحزاب : ٢٣. ([9])
اضف الى ذلك ان هنالك بعض المتون التاريخية تشير إلى وقوع قتال شديد ، فرواية إبن أعثم الكوفي تقول : (وركب أصحاب عبيد ألله ، وإختلط القوم ، فقاتلوا قتالا شديدا ، وعبيد ألله بن زياد (لع) وجماعة من أهل الكوفة قد أشرفوا على جدار القصر ينظرون إلى محاربة الناس) .
وأما إبن نما رحمه ألله فيروي خبرا خاصا في محتواه ويستفاد من روايته أن القتال الشديد بين الطرفين قد إستمر إلى الليل كما قدمناه سابقا، بل ويضيف هنا ان مسلما عليه السلام وجيشه حاصروا ابن زيادة في در الامارة بالكوفة يقول رحمه الله : (ولما بلغ مسلم بن عقيل رضوان ألله عليه) خبره خرج بجماعة ممن بايعه إلى حرب عبيد الله بعد أن رأى([10])أكثر من بايعه من ألأشراف نقضوا البيعة ، وهم مع عبيد الله ، فتحصن بدار ألإمارة ، وإقتتلوا قتالا شديدا إلى أن جاء الليل) .
([1]) ابن طاووس ،اللهوف 32 ،المجلسي بحار الأنوار 44 : 374 ، ابن عساكر ، ترجمة الإمام الحسين عليه السلام: 163.
([2])الطبري ،تاريخ الرسل والملوك ٣: ٢٨٧.
([3])الطبري ،تاريخ الرسل والملوك ٣: ٢٨٧.
([4]) ابن اعثم ،الفتوح: ج ٥ص ٨٦.
([5])ابن طاووس ،اللهوف: ٢٢.
([6]) ابن نما ،مثير الأحزان: ٣٤.
([7])ابن حجر في الإصابة : ٦ ص٩٦ ، الرقم ٧٩٧٨.
([8]) الطبري ، تاريخ الطبري : ٣ ص ٣٢٦.
([9])الطبري ،تاريخ الطبري :ج ٣ ص ٣٢٥ .
([10])الدينوري : ألأخبار الطوال ص 238.