تحديث
16/09/2016 1:04 مساءا
نهج البلاغة المظلوم ...وضرورة دراسته وتدريسه
الشيخ عقيل الحمداني
بمناسبة المولد العلوي المبارك اقام ملتقى كربلاء الثقافي في مدينة كربلاء المقدسة ندوة حول نهج البلاغة ودوره في الحياة وقد دعي سماحة الشيخ عقيل الحمداني لالقاء محاضرة في هذه المناسبة وكان من ضمن ماذكره :
في البدء ..اعجبني كلام قيم لاحد العلماء قدس الله سره حينما كان يوصي بما يلي :يلزم علينا ان كنا من محبي الامام امير المؤمنين ع أن نتناول كتاب (نهج البلاغة) بالدرس والتحليل مثلما نولي اهتمامنا بشرح كتاب (المكاسب) و(الكفاية) وأمثالهما من كتبنا العلمية المهمة في الحوزة، او مواد الفيزياء والرياضيات والنحو والانكليزيه في المدارس الحديثه ونجعل دراسته ضمن المنهج اليومي للحوزة العلمية المباركة، بل كل مدارسنا الأكاديمية والجامعية أيضاً.
فلا يمكن القول: ـ ولا أتصور من يزعم ذلك ـ بأن نهج البلاغة أقل من كتاب المكاسب أو كتب الاقتصاد أو الاجتماع أو السياسة او الرياضيات التي تدرس في الجامعات العلمية.
فكما يجلس خمسمائة من الطلبة كل يوم ينهلون من كتاب المكاسب مثلاً عند أحد الأساتذة الأفاضل، يجب أن يجلس عدد أكبر بكثير لدراسة نهج البلاغة عند أستاذ عالم أيضاً، فإن نهج البلاغة أكبر وأهم في المحتوى والتأثير من أي كتاب آخر سوى القرآن الحكيم، وقد وصفه السيد الرضي (قدس الله سره): بـ «الكلام الذي عليه مسحة من العلم الالهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي»
ووصفه الشيخ محمد عبده في مقدمته لشرح نهج البلاغة بقوله: «… وأحياناً كنت أشهد أن عقلا نورانياً لا يشبه خلقاً جسدانياً فصل عن الموكب الإلهي واتصل بالروح الإنساني، فخلعه عن غاشيات الطبيعة وسما به إلى الملكوت الأعلى، ونما به إلى مشهد الفوز الأجلى…» مقدمة نهج البلاغة لمحمد عبده.
ويقول طه حسين: «انني لم اسمع أعظم من هذا الكلام».
فكلام أمير المؤمنين ع يمثل قمة البلاغة وقمة التقدم في مختلف مجالات الحياة، وفي ذلك يقول ابن أبي الحديد: «انظر إلى البلاغة كيف تنتظم فيها الكلمات… انه يتصرف بها فينظمها كالقلادة والعقد بياناً لبراعته وقوة تأثيره فيها…».
ومن كلام للشيخ الكليني (قدس الله سره) في الكافي:
«لو اجتمعت الجن والإنس على أن يبينوا التوحيد بمثل ما أتى به علي ع بأبي وأمي لما قدروا عليه»- الكافي: ج1 ص136
وهناك أقوال كثيرة وعديدة لعلماء كبار من مختلف المذاهب والقوميات، مسلمين وغير مسلمين، في بيان موقع نهج البلاغة من حياتنا.
ولكن من المؤسف جدا:أن الأمّة الإسلامية لم تستفد منه تمام الاستفادة، فاقتصرت معرفته على طبقة معينة من المجتمع الاسلامي، في حين أن عامة الناس قد حرموا من هذا المنهل المبارك الذي هو اصل كل حركة فكرية وتقدمية ومصدر صاف لأفكار الإسلام واشعاعاته..
فلذلك يجب أن يدرّس نهج البلاغة في حوزاتنا العلمية وكذلك المدارس الأكاديمية، وتنشر مفاهيمه من خلال المنابر الحسينية، وفي مختلف الكتب وعبر الإذاعات والصحف والأقمار الصناعية وما أشبه كي يكون نهج البلاغة نهج الفلاح ونهج النجاح والتقدم للأمة الإسلامية بل البشرية جمعاء كما هو الواقع في ذلك.
وكتاب نهج البلاغة هو كتاب الحياة فوردت اشارات مهمة فيه الى مختلف العلوم
ومنها علم الاجتماع فانظر الى اقواله عليه السلام :
الإمام علىّ : الناس بزمانهم أشبه منهم بآبائهم.
عنه : خَوضُ الناس فى الشَّىء مقدِّمة الكائن
عنه : الناس كالشَّجر ; شرابه واحدٌ وثمرهُ مختلفٌ
نهج البلاغة: قال فى صفة الغوغاء:... هم الذين إذا اجتمعوا ضرّوا، وإذا تفرّقوا نفعوا، فقيل: قد عرفنا مضرّة اجتماعهم فما منفعة افتراقهم ؟
فقال : يرجع أصحاب المهن إلي مهنتهم، فينتفع الناس بهم ; كرجوع البنّاء إلي بنائه، والنسّاج إلي منسجه، والخبّاز إلي مخبز
ففي الطب العام ، قال الامام (ع) :
" العلوم ثلاثة ، الفقه للأديان والطب للأبدان والنحو للسان " .
" العلوم أربعة ، الفقه للأديان والطب للأبدان والنحو للسان والنجوم لمعرفة الأزمان " .
أما في مجال العلاقة بين الطبيب والمريض فقد قال (عليه السلام) :
" لا شفاء لمن كتم طبيبه داءه "
و " من كتم مكنون داءه عجز طبيبه عن شفائه "
وفي ميدان الحفاظ على صحة الجسم قال الامام (ع) :
" لا تنال الصحة الا بالحميّة "
" من لم يحتمل مرارة الدواء دام ألمه "
أما في مجال الأغذية ودورها في الحفاظ على الصحة العامة للجسم فقد قال عليه السلام :
" من قلّ طعامه قلـّت آلامه "
" لا فطنة مع بطنة "
" من غرس في نفسه محبة أنواع الطعام ، اجتنى ثمار فنون الأسقام "
" المعدة بيت الأدواء والحمية رأس الدواء ولا صحة مع النهم " .
... وغير ذلك كثير جدا .
هكذا هو " نهج البلاغة " ، غزير بالومضات الطبية ومليء بالوصايا الصحية وغني بالمفاهيم البيولوجية (الحياتية) .... انه مازال يمثل نهجا قويما للحياة .
علم الفلك
يختص علم الفلك بدراسة النجوم والكواكب والاجرام انطلاقا من الروابط القائمة فيما بينها، وهوما نعبر عنه (بالتجاذب الكوني). يصور لنا الامام علي (ع) هذه العلاقة مع آيات أخرى من قدرة اللَّه في دعاء الصباح فيقول: يا من دلع لسان الصباح بنطق تبلجه (دلع: أى أخرج).
وسرّح قطع الليل المظلم بغياهب تلجلجه.
وأتقن صنع الفلك الدّوار في مقادير تبرجه.
فالامام (ع) يقرر أن كل ما في السماء من كواكب وأجرام تدور وفق نظام الافلاك والابراج، فهي تلتزم مداراتها ضمن أبراجها، وفق ما قدّر لها من تقدير محكم ونظام دقيق. ولواختل هذا النظام لحظة من الزمن لتهاوت النجوم على بعضها، ولتساقطت من أفلاكها، ولأصابها الدمار والاندثار. فسبحان من أقامها موطدات بلا عمد، ورفعها قائمات بلا سند.
واليك بعض المعلومات الاساسية حول تركيب الكون:
تنتشر النجوم في فضاء الكون بشكل جزر كبيرة تدعى (المجرات) تضم كل مجرة الملايين من النجوم المتوزعة بشكل أفراد ومجموعات، تدور كلها حول محور وهمي مشترك هومحور المجرة.
وبعد التحريات المكثفة استطاع العلماء أن يتنبؤوا عن وجود عدد من المجرات من رتبة ٢ ١٠ (٩) مجرة. وكل مجرة منها تضم عددا من النجوم من رتبة ١٠ (١١) نجما. وتفصل بين هذه المجرات أبعاد شاسعة، فالبعد الوسطي بين مجرة ومجرة من رتبة ألف سنة ضوئية (السنة الضوئية هي المسافة التي يقطعها الضوء في الفضاء في سنة كاملة، وهي تعادل تقريبا ١٠ (١٣) كيلومترا). وهذا البعد الوسطي يساوي تقريبا عشر أمثال قطر المجرة.
وتنتمي مجموعتنا الشمسية الى مجرة «درب التّبان». وأقرب مجرة من مجرتنا هي «مجرة السحابة الماجلانية الصغرى» وتبعد عنا ١٤٥ ألف سنة ضوئية.
وتأخذ مجرتنا شكل قرص بيضوي رقيق نسبيا (انظر الشكل) قطره الاكبر يعادل ٠٠٠، ١٠٠ سنة ضوئية، وقطره الاصغر يعادل ٠٠٠، ٣٠ سنة ضوئية.
ولهذا القرص سمك يبلغ في المركز ٠٠٠، ١٥ سنة ضوئية، ثم يتناقص كلما اتجهنا نحوأطراف المجرة حيث تقع شمسنا وكواكبها. وتقع مجموعتنا الشمسية على بعد ٠٠٠، ٣٠ سنة ضوئية من مركز المجرة، وتدور حول محور المجرة دورة واحدة كل ٢٢٥ مليون سنة ضوئية بسرعة ٢٦٠ كم ثا.
ولا تتوزع النجوم بانتظام داخل المجرة، بل تزدحم في بعض أرجائها على شكل سحاب يضيء ضوءا خافتا يعرف باسم «درب التبان». وتحوي مجرتنا على نجوم مضيئة، وعلى مجموعات مثل مجموعتنا الشمسية، يتوقع العلماء أن يصل عددها الى ١٥٠٠ مليون شمس، ولأغلبية هذه الشموس كواكب تدور حولها. وقد يكون لبعض هذه الكواكب ظروف مشابهة لظروف أرضنا، مما يجعل احتمال وجود حياة بشرية أوغير بشرية فيها ممكنا.
ورغم أن نجوم المجرة لا تسير بنفس السرعة الزاوية، الا أنه رغم عددها الهائل لا يصطدم منها نجم بآخر. ولهذا الاعجاز الذي يفوق التصور أقسم اللَّه سبحانه بالنجوم وبمواقعها في السماء بقوله: «فَلا، أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ، وإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوتَعْلَمُونَ عَظِيمٌ.» وتبعد النجوم التي يراها الناظر من الكرة الارضية عنا أبعادا متفاوتة جدا، فأقرب نجم من المجموعة الشمسية هو(ألفا سنتاورى) ويبعد عن الشمس حوالي ٣ ر ٤ سنة ضوئية. بينما أبعد جرم عند أطراف الكون أمكن رصده بأضخم تلسكوب يبعد ٢ ١٠ (٩) سنة ضوئية، وبعض هذه النجوم قد اندثر من مكانه ولكن نوره لا يزال يرد نحوالارض.
وان الناظر من الارض باتجاه درب التبان يرى كثافة كبيرة من النجوم هي نجوم مجرتنا، بينما اذا نظرنا في الاتجاه المقابل من السماء فاننا ننظر الى خارج المجرة ونرى بذلك عددا قليلا من النجوم، أغلبها من نجوم المجرات الاخرى.
وفي تصوري أن كل المجرات والنجوم التي تكلمنا عنها هي ضمن السماء الاولى التي قال عنها سبحانه «ولَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابيحَ»
نظرية تمدد الكون:
لقد أثبت العلم الحديث أن كل ما في الكون من نجوم ومجرات تتباعد عن بعضها باستمرار بسرعة فائقة، ويزداد بذلك حجم الكون أويتمدد. وتختلف سرعة التمدد هذه من مجرة الى أخرى، وكلما تباعدت المجرات عن بعضها زادت سرعتها. فقد شوهد مثلا أن المجرات القريبة من مجرتنا تتباعد بسرعة تقدر بحوالي بضعة ملايين من الكيلومترات في الساعة، في حين تتباعد المجرات التي على مسافات أكبر بسرعات تزيد على ٢٠٠ مليون كيلومتر في الساعة.
وتصل سرعة تباعد المجرات الواقعة على أضعاف هذه المسافات من مجرتنا الى سرعة الضوء نفسه. وتمثل هذه المجردات حدود «الكون المرئي». أما فيما وراء تلك الحدود من المسافات، فان سرعة تباعد المجرات عنا تزيد على سرعة الضوء، وبذلك فان الاضواء المنبعة منها لا يمكن لها أن تصل الى الارض بحال من الاحوال، لأن سرعة تمدد المجرة وهي تبتعد عنا أكبر من سرعة ضوئها المتجه نحونا. وعليه فلا يمكننا أن نرى تلك المجرات أونعرف شيئا عنها، فنقول إنها واقعة في «الكون غير المرئي».
ان مسألة اتساع الكون هي أعظم نتيجة تمخضت عنها نظرية النسبية المشهورة، وليس هذا بالخيال. فقد حقق أيضا بالمشاهدة والرصد، ولم يعد الى الجدال فيه من سبيل، مصداقا لقول اللّه تعالى «والسَّماءَ بَنَيناها بِأيْدٍ وانَّا لَمُوسِعُونَ» فهذه الآية تنص على أن الله يوسع الكون باستمرار بدون توقف، وأن بناء السماء وتسييرها يحتاج الى قوى هائلة هي قوة اللّه تعالى وحده.
وبامكان الاخوة مراجعة موقع نهج البلاغة الالكتروني للاطلاع على تفاصيل ماذكرناه هنا بايجاز .