تحديث
15/09/2016 12:21 مساءا
من روائع برنامج التاريخ في دائرة الضوء 1
سيف بن عمر التميمي وحركة الوضع التاريخي
بسم الله الرحمن الرحيم وصلى اله على سيدنا محمد وعلى اله الطيبين الطاهرين , سيف بن عمرو التميمي من الشخصيات التاريخية التي تكاد ان تكون مُبهمة للكثير من الذين يمرون على حوادث التواريخ ويُحاولون أخذ العبرة والدرس من التاريخ , ولكن إذا ما رجعنا الى اصحاب الاختصاص الذين بإمكانهم ان يقفوا عند رواة الأحاديث ويدرسوا احوالهم وتراجمهم , هؤلاء بالإمكان ان يوصلونا الى عدة نتائج مهمة وقضايا تربطنا بهذه الشخصية الغريبة والعجيبة في التاريخ.
الزركلي من الذين كتبوا في تراجُم الشخصيات التاريخية والأدبية والسياسية لديه كتاب قيم اسمهُ الاعلام عندما يصل الى ترجمة سيف بن عمرو التميمي يقول (هو أحد رواة التاريخ ووضع عدة كتُب منها كتاب الرّدة ومنها كتاب الجمل وعاش لفترة امتدت الى ما يقرب من سنة 170 او 200 هجرية ) ([1]) هو يعول الى ان سيف بن عمرو التميمي امتد به العمر الى سنة 200 هجرية أي انه عاش اغلب حياته في زمن الدولة العباسية.
سيف بن عمرو من الرجال الذين كما نقل عنهم ابن حجر العسقلاني وسماه عندما ترجم له : ( عمدة في التاريخ ) ([2]) . كان يُسميه بعُمدة في التاريخ , لماذا أطلق عليه لقب عُمدة التاريخ ؟ لان الذي اعتُمِد على رواياتهِ وعلى خرافاتهِ وعلى اساطيره بشكل مُنقطع النظير , يعني اول من اعتمد على روايات سيف بن عمرو التميمي هو المؤرخ الطبري الذي توفي سنة 310 للهجرة , اتمنى من القارئ الكريم ان يحفظ هذا الرقم لعدد الروايات التي وردت في تاريخ الطبري الذي عليه المُعَول والاعتماد في التاريخ , نقل الطبري ما يقرب من 800 رواية عن سيف بن عمرو منها 730 رواية نقلها سيف بن عمرو عن شيخهِ ابراهيم ابن شُعيب الكوفي , وهذا بإجماع الكثير من علماء الجرح والتعديل مُدلس وكذاب أي ابراهيم بن شعيب شيخَ سيف بن عمرو .
الآن بودنا ان يطلع القارئ الكريم على آراء اصحاب الاختصاص وهم أئمة الجرح التعديل في شخصية سيف بن عمرو الذي تسبب بكوارث في التاريخ الاسلامي , حاولَ او يغير الكثير من المعادلات ,وان يحرف الكثير من الاحاديث النبوية الصحيحة بل انه اختلق اساطير وخرافات وأكاذيب كانت مادة دسمة اخذها منه النظام العباسي الحاكم وروج لها عبر العصور والاجيال و الان اصبحت مُسّلمات عند الناس.
فأنا انقل هنا بعض آراء أئمة الجرح والتعديل في سيف بن عمرو كُل هؤلاء من عُلماء مدرسة الصحابة لم نأتي الى ذكر آراء علمائنا لأن سيف بن عمرو من الذين اعتمد عليهم مؤرخ مدرسة الصحابة ألا وهو الإمام الطبري , اسمع الإمام يحيى الذي كان مُعاصراً له تقريباً توفي سنة 232هجرية قال عن سيف ما نصهُ .. (سُئلَ ماذا تقول عن سيف بن عمرو التميمي ؟ قال :فلسٌ خيرٌ منهُ ) ([3]) وهذا أمر في غاية الجرح الشديد لروايات سيف بن عمرو ولشخصيته.
ايضا الإمام الرازي الذي توفي سنة 264 للهجرة , قال (ان سيف ضعيف الحديث) ([4]) , الإمام ابو داوّد صاحب السُنن وهذا من اصحاب الصحاح الستة قال: (سيف ليس بشيٍ ابداً) ([5]) ,وهذا جرح شديد لرواية سيف بن عمرو , ايضا الإمام النسائي من اصحاب المسانيد الذي توفي سنة 303 يقول في كتابه الضعفاء والمتروكين قال (سيف ضعيف) ([6]) أي لا يُمكن ان نقبل روايتهُ .
اعود الى المؤرخ الطبري الذي نقل عنه ما يقرب من 800 رواية , فعندما يمُر بسيف بن عمرو قال (وكلام سيف هُنا مُخالف للإجماع ) أي بمعنى انه لا يوثّق عدد من روايات سيف بن عمرو .
الإمام ابن ابي حاتم في كابه الجرح والتعديل قال (ان سيف متروك الحديث) ([7])وهنا يتبين انه لا يُمكن لمدرسة الصحابة ان تأخذ بروايات وآراء سيف بن عمرو , ايضا الإمام ابن عَدي المتوفي سنة 365 أورد في كتابه الكامل في ضعفاء الرجال قوله : (بعض احاديث سيف مشهورة وعامة أحاديثهُ مُنكرة) ([8]) أي يقول احاديث سيف مشهورة على الألسن لكن رُب مشهور لا أصل لهُ .. وعامة احاديث سيف مُنكرة .
الإمام الحاكم النيسابوري صاحب المستدرك على الصحيحين قال في سيف ا كلام خطير وسأقف عنده طويلاً وارجوا من القارئ الكريم ان يقف عند سيف وروايته عندما يقراها في الكتب ويحذر من دسه السم بالعسل ,وان شاء الله يأتي في البحث اننا سنعرض الى جملة من اعتقادات سيف بن عمرو حتى في الصحابة .. كان يُكفر بعض الصحابة , يقول صاحب المستدرك العلامة الحاكم النيسابوري المتوفي سنة 405 هجرية يقول (سيف مُتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط ) ([9]) هذا ليس كلام الشيخ الكُليني او كلام الشيخ الصدوق بل هذا كلام إمام من أئمة الحديث وكتب كتاب المستدرك على شرط الصحيحين .. عندما يرد اسم سيف بن عمرو يقول مُتهم بالزندقة وهو في الرواية ساقط من الاعتبار . وهذا تضعيف ظاهر وواضح لمروياته التاريخية.
أيضا أقف عند الالباني وهو من المُعاصرين .. كٌل الذين ذكرناهم كانوا من المُتقدمين ونقف عند بعض المُتأخرين مثل العلامة الالباني الذي كتب كثيراً في نقد روايات الصِحاح وروايات المسانيد , عندما يأتي في كتابه ضعيف التُرمذي صفحة 519 يقول (الحديث الذي رواه سيف ضعيف بل ضعيف جداً) ([10]) يقف عند رواية سيف بن عمرو ويقول عنه ضعيف .
هذه جُملة من آراء علماء الجرح والتعديل الذين تباينت آرائهم بين اربعة امور : اما ان تكون روايات سيف بن عمرو ضعيفة , او ان تكون متروكة , أو أنه مُتهم بالزندقة, أو إنها تُخالف الإجماع .
وبالتالي هذه الديباجة والمقدمة حول أحوال سيف بن عمرو التميمي هذه القضايا تُسقط روايات سيف بن عمرو عن الاعتبار وهذا كلام علماء الجرح والتعديل , وبالتالي اتمنى من القارئ الكريم ونحن قلنا غيما مضى ان النبي ’ والإمام الصادق × وأبُي بن كعب , ابن خلدون المحلل التاريخي يقولون ان الروايات لابد ان نتعاطى معها وفق نظام وآلية ووفق ميزان .. أما ان تُعرض على كتاب الله العزيز فإن خالفت الكتاب سقطت عن الاعتبار , أو نأتي الى آراء علماء الجرح والتعديل الذين هُم اصحاب الاختصاص في ذلك
([1]) الاعلام , الزركلي , ج3 , ص 150 .
([2])* تقريب التهذيب, ابن حجر , ج 1ص344 . قال الشيخ حسن بن فرحان المالكي في كتابه (نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي) ص60: (...إنّ بعض الألفاظ مثل (عمدة في التاريخ) قد لا يراد بها التوثيق فقد أطلقها الحافظ ابن حجر على سيف بن عمر وعلى ابن الكلبي وغيرهما من كبار المتروكين، وغاية ما يريد منها الحافظ كون هذا من كبار المؤرّخين من حيث (جمع مادة التاريخ والاهتمام بها) وكتابتها لا أنّه (ثقة), ولذلك نجد الحافظ نفسه يضعّف سيفاً في روايات تاريخية ويضعّف الكلبي وقد سمّاه (عمدة النسّابين) وهكذا)).
([3]) ميزان الاعتدال ج 2, ص255، تهذيب الكمال ج 12ص 326.
([4]) ذكر قوله الدكتور بشار عواد معروف عند تحقيقه لكتاب (تهذيب الكمال) للمزي ج12, ص 327.
([5]) تهذيب التهذيب, لابن حجر , ج 4,ص 259، ميزان الاعتدال ج 2,ص 255.
([6]) الضعفاء والمتروكين, ص 187.
([7]) الجرح والتعديل ج 4, ص 278، تهذيب الكمال ج12, ص 326.
([8]) الكامل في ضعفاء الرجال ج 3,ص 436.
([9]) تهذيب التهذيب ج 4ص 259.
([10]) ضعيف الترمذي , ص 519. شيخ محمّد العربي التباني (المتوفى نحو 1390هـ )، قال في كتابه (تحذير العبقري من محاضرات الخضري): ((سيف بن عمر الوضّاع المتهم بالزندقة المتفق على أنّه لا يروي إلا عن المجهولين))، وقال في ج1 ,ص 272 من كتابه المتقدّم: ((وقد اتفق أئمّة النقدلى أنّ سيفاً لا يروي إلا عن المجهولين وعلى طرحه))، وفي ص 256 من الجزء ذاته، قال: ((وهذا التدافع والتخبط والطعن في الصحابة قد استقريناه في كلّ خبر يرويه الطبري عن سيف بن عمر المتهم بالزندقة الّذي لا يروي إلا عن المجهولين))، وفي ص 299، قال: ((سيف بطل الروايات المتدافعة الطاعنة في الصحابة)). وقال في ج 2 ص 19: ((روى هذه الرواية الطبري عن بطل الأكاذيب سيف بن عمر عن أناس مجهولين كعادته).