تحديث
22/11/2020 9:58 صباحا
لو رجعنا لمصادر المؤرخين وبالأخص علماء مدرسة الصحابة من اهل السنة نجد انهم في قضية احراق بيت فاطمة ع يفترقون الى رأيين رأي يقول ان عمر بن الخطاب هدد بالأحراق ورأي يقول ان عمر بن الخطاب احرق.
وانا أقول لبعض علماء المسلمين وبالأخص علماء الازهر الشريف ماذا نصنع بهذه النصوص اليوم لو شرحنا هذه النصوص الى الناس اعتبرونا اناس بسطاء جدا نريد ان نقرأ التاريخ قراءة واعية نستطيع من خلالها احقاق الحق واماتة الباطل.
عندما نأتي لكبار علماء مدرسة الصحابة من اهل المسانيد والصحاح والمؤرخين وننظر الى هذه الحقائق وهذه القضايا التاريخية يكون السؤال الهام كيف نتعامل معها! الحقائق التاريخية حول احراق دار فاطمة ع رويت باسانيد صحيحة ومعتبرة اذن كيف يمكن لي ان اتعاطى مع هذه النصوص اليوم؟
اذا قرأناها ونشرناها واطلع الناس عليها اتهمونا بأننا نثير الفتنة وان بضاعتنا هي الاساءة لبعض الرموز التي تقدسها المدرسة الاخرى، وهذه المصادر هي مصادر علماء السنة وهذه كتبهم وهذه هي رموزهم التي قامت بهذا الفعل ضد بيت فاطمة ع التي يغضب الله لغضبها. نحن لسنا في حرب ونحن لسنا في نوع من أنواع الهجوم على شخص وانما نقول ان قضية السيدة فاطمة الزهراء ع ليست وقف للشيعة فحسب, لان حب فاطمة ÷ وولاء فاطمة والتعاطي مع هذا البيت المقدس ليس حكرا على الشيعة وانما فاطمةالزهراء ع حبها واجب على كل المسلمين. وبالتالي الذي يمس فاطمة الزهراء ع كأنما يمس الله تعالى وكأنما يمس رسول الله ’وبالتالي هو يمس المسلمين.
وهنا الرأي الاول: نقف عند النص الأول الذي يظهر فيه تهديد بالأحراق لبيت فاطمة ع من قبل عمر بن الخطاب. العلامة ابن ابي شيبة في كتابه المصنف طبع ونشر الدار السلفية. وللعلم ان ابن ابي شيبة صاحب الكتاب الذي نقلت فيه الرواية يقول عنه الذهبي في ميزان الاعتدال: (واليه المنتهى في الثقة). يقول (حدثنا محمد بن بشر الكوفي)<([1]) العلامة النسائي يقول عنه اي محمد بن بشر الكوفي (ثقة).
قال حدثنا عبيد الله بن عمر:( وعبيد الله بن عمر هذا احد الفقهاء السبعة في الإسلام ويقول عنه ابن معين: ثقة ثبت. وابن منجويه يقول: (كان من سادات المدينة واشراف قريش فضلا وعلما وعبادة وحفظا واتقانا). اذن الراوي الثاني من الرواة الثقاة ايضا: قال حدثنا زيد بن اسلم وهو زيد بن اسلم العدوي احمد وأبو زرعة وأبو حاتم وأبو النسائي يقولون كلهم: بأنه ثقة.عن ابيه اسلم:واسلم هذا يقول عنه العجلي مدني ثقة من كبار التابعيين اذن كل من ورد ذكره سند هذه الرواية هو من الثقاة.
قال: >انه حينما بويع لأبي بكر بعد رسول الله ’ كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله ويشاورونها ويرتجعون في امرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة ع فقال لها وايم الله ماذاك بمانعي ان اجتمع هؤلاء النفر عندكِ ان امرتهم ان يحرق عليهم البيت<. أي تهديد بأحراق بيت علي وفاطمة ‘ الذي هو من افاضل بيوت الأنبياء. فأنا أقول ان عمر بن الخطاب عندما يريد ان يحرق البيت هل عرف من كان موجودا لحظتها في ذلك البيت؟ افتح باب للتساؤل واسأل كل مؤمن واعي حول التهديد بالأحراق لمن كان في داخل البيت؟ ولم يكن في البيت سوى علي وفاطمة والحسن والحسين وهم آل محمد ^ الذين يقول عنهم النبي ’ (انا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم) وفي البيت كبار الصحابة وهل معقول ان صحابي كبير وشيخ من شيوخ قريش مثل عمر بن الخطاب يهدد بأحراق اهل البيت^ واحراق عشرة من الصحابة أمثال العباس بن عبد المطلب وطلحة والزبير وسعد بن ابي وقاص وأُبي بن كعب وغيرهم الذين تجمعوا في دار فاطمة الزهراء ع هل يعقل ان صحابي يقوم بحرق الصحابة؟ اذن اين نظرية عدالة الصحابة وحديث العشرة المبشرة بالجنة فهل هؤلاء المبشرين بالجنة يحرق بعضهم بعضا؟؟ انا اترك هذا السؤال للقراء الواعين ولعلماء الإسلام ان يجيبوا عليه.
والرأي الثاني: هنالك نصوص تظهر عمر بن الخطاب قد اتى فعلا لاحراق باب فاطمة ع, وهذا النص في التهديد من قبل عمر بن الخطاب عجيب، فالله تعالى عندما يقول {في بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ} وفسرت هذه البيوت كما يقول العلامة الحسكاني الشافعي الذي هو ليس من الشيعة ببيوت آل محمد ^فكيف للامة ان تتعاطى مع هذا الامر!؟ ولنقف عند النص الثاني فهو يذكره العلامة البلاذري وهذا مؤلم جدا.
عن المدائني، عن مسلمة بن محارب، عن سليمان التيمى وعن إبن عون: أن أبابكر أرسل إلى علي يريد البيعة فلم يبايع، فجاء عمر، ومعه فتيلة فتلقته فاطمة على الباب فقالت فاطمة: يا إبن الخطاب! أتراك محرقاً على بأبي؟ قال: نعم وذلك أقوى فيما جاء أبوك؟([2]) نعم العلامة البلاذري من كبار العلماء فهو العلامة الاديب المصنف يحيى بن جابر البغدادي البلاذري والذي يقول عنه الذهبي: (واحد عصره في الحفظ)([3]). وهوينقل عن المدائني وهو من كبار رجال الحديث هو علي بن محمد أبو الحسن المدائني الأخباري، صاحب التصانيف... ونقل الذهبي، عن يحيى أنّه قال: (المدائني ثقة، ثقة، ثقة، توفّي عام أربع أو خمس وعشرين ومائتين..)([4]).
عن مسلم بن محارب وذكره البخاري في تاريخه الذي يقول عنه ابن حجر: ذكره اهل العلم ولم يطعنوا فيه.. وقد قال: أهل العلم أن سكوت أبي زرعة أو أبي حاتم أو البخاري، عن الجرح فـي الراوي توثيق لـه، وقد مشى على هذه القاعدة الحـافظ إبن حجر فـي تعجيل المنفعة.
عن سليمان التيمي سليمان بن طرخان التيمي ـ ولاء ـ روى، عن أنس بن مالك وطاووس وغيرهم، قال الربيع بن يحيى، عن سعيد: ما رأيت أحداًً أصدق من سليمان التيمي.الذي قال عنه ابن حجر أيضا في كتابه التهذيب: قال ابن معين، والنسائي ان هذا الرجل ثقة وقال العجلي: تابعي، ثقة فكإن من خيار أهل البصرة.إلى غير ذلك من التوثيقات، توفّـي عام 97([5]).
وعن ابن عون: يقول عنه النسائي في الكنى ثقة ومأمون([6]).
"أي ان سند هذا الحديث صحيح مئة بالمئة وكلهم ثقاة. قال ان أبا بكر ارسل الى علي ع فلم يبايع فجاء عمر ومعه قبس او فتيلة وهنا السؤال الهام ماذا تصنع الفتيلة او القبس مع الخليفة؟!! وهو يأتي لبيوت آل محمد صلوت الله عليهم اجمعين؟
فتلقته فاطمة ع في الباب أي كلمته من وراء الباب. فقالت: يا أبن الخطاب اتراك محرقا عليه بابي! قال نعم وذلك اقوى فيما جاء به ابوكِ. اذن الخليفة يعترف بان مايفعله بالهجوم على بيت النبي ’ ومعه القبس يريد ان يحرق بيت فاطمة الزهراء هو اقوى من دين الاسلام ومن امر النبوة. والغريب أيضا مع الخليفة في عدد من الروايات سرية من اكثر من 300 رجل اتوا وهجموا على بيت فاطمة ÷ الذي هو ملاصق للمسجد النبوي ولا اعلم من اين أتى كل هذا العدد إلا ان التحقيق يثبت كونهم ممن تخلفوا عن جيش أسامة ومن عصابات قبيلة اسلم الاعرابية التي استعان بها عمر بن الخطاب لاحتلال المدينة عسكريا وفرض حظر التجوال فيها.
([1]) جاء في كتاب سير اعلام النبلاء، الذهبي ج9 ص266 نشر مؤسسة الرسالة 2001: وثقه يحيى بن معين وغيره. قال أبو عبيد الأجري: سألت أبا داود عن سماع محمد بن بشر من ابن أبي عروبة، فقال: هو أحفظ من كان بالكوفة.
([2]) أنساب الأشراف، البلاذري,ج1، ص586، طبع دار المعارف بالقاهرة.
([3]) الذهبي، تذكرة الحفاظ، الذهبي، ج3، ص892، برقم: >860<.
([4]) ميزان الإعتدال، الذهبي، ج3, ص153، رقم الترجمة: >5921<.
([5]) التهذيب, لابن حجر، جزء4 صفحة 201.
([6]) أنساب الأشراف، البلاذري,ج1، ص586، طبع دار المعارف بالقاهرة.