تحديث
28/12/2019 11:22 صباحا
نص عجيب للامام الحسين ع اوصى به سفيره مسلم بن عقيل ع
سفير الثورة
في الكوفة المقدسة:وهو سيدنا مسلم بن عقيل ، حيث نقل ابن أعثم الكوفي في الفتوح: ثمّ طوى الكتاب، وختمه، ودعا بمسلم بن عقيل، فدفع إليه الكتاب، وقال: «إنّي موجّهك إلى أهل الكوفة، وسيقضي الله من أمرك ما يحبّ ويرضى، وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء، فامضِ ببركة الله وعونه حتى تدخل الكوفة، فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها، وادعُ الناس إلى طاعتي، فإن رأيتهم مُجتمعين على بيعتي فعجِّل عليَّ بالخبر؛ حتى أعمل على حساب ذلك إن شاء الله تعالى. ثمَّ عانقه الحسين ع وودّعه وبكَيا جميعاً»([1]). ولنا عدد من التعليقات على هذا النص:
الاول: قول الامام الحسين ع اني موجهك الى اهل الكوفة يدل على ان الشريحة المستهدفة في اعلام مسلم ومن ضمن نطاق سفارته لم تكن الشيعة فحسب، وانما كل من يتبنى مشروع الامام الحسين ع ولو من غير خط ابي عبد الله × العقائدي والفكري.
الثاني: ومن هذه الرواية نستفيد؛ أنّ « كتمان الأمر » في الرواية الأُولى يعني اتّباع مسلم بن عقيل ع أُسلوب العمل السرِّي في الدعوة إلى طاعة الإمام ع؛ ومن ثم تأتي المرحلة الثانية بإعلان الدعوة في الكوفة وجمع المقاتلة للانطلاق نحو كربلاء لنصرة الحسين ع ذلك لأنّ ظاهر قوله ع >وادعُ الناس إلى طاعتي<، هو العلانية في العمل.
الثالث: قوله ع: >فإذا دخلتها فانزل عند أوثق أهلها<، هي وصية واضحة المعالم لمسلم ع ان تكون تحركاته مدروسة مسبقا ويجعل قاعدة الانطلاق له على ارض قوية، فالثقات من الكوفيين هم حجر الاساس في ايجاد قاعدة عريضة للانطلاق والتحرك واتخاذ بيوتهم مهدا لثورة مسلم ع وحركته الاهلية الكبيرة وبالفعل نزل عند دار المسيب بن نجبة ومن ثم دار المختار وبعدها ذهب لبيت هانئ بن عروة..
الرابع: قوله ع: >وأنا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء!< ان الامام الحسين ع قد لمح لمسلم بن عقيل × الواعي الفطن انه سيستشهد في سفرته هذه ودعا له بنيل الشهادة وهذه المفردة وضعها ابن عقيل في قاموسه وصمم على تحقيق احدى الحسنيين في اداء مهمته في الكوفة. والعلم بأنّ المصير هو القتل لا يمنع من المضيّ في أداء التكليف، إذا كان الأمر مُتعلِّقاً بإحدى مصالح الإسلام العُليا.
ومما يدلّ على أنّ مسلم بن عقيل قد علم من قول الإمام أنّه متوجّه إلى الشهادة، وأنّ هذا آخر العهد بابن عمّه الإمام الحسين هو أنّهما تعانقا وودّع أحدهما الآخر وبكيا جميعاً!
الخامس: قول الامام الحسين ع >فإن رأيتهم مُجتمعين على بيعتي فعجِّل عليَّ بالخبر؛ حتى أعمل على حساب ذلك إن شاء الله تعالى<. فيه دليل على ان الامام الحسين ع لم يواعد مسلم بالمجيئ الى الكوفة او دخولها او قصد الكوفة على اساس دعوة اهلها اليه وانما اكتفى الامام ع بقوله اذا رأيت الناس قد بايعت واطاعت انا سأعمل على حساب ذلك اي انه سيدرس هذا الامر ان استتب وبعدها سيعمل وفق معطيات واقع الحال.. آنذاك وبالتالي لا يوجد اي خطة لدى الحسين ع بقصد الكوفة ابدا على خلاف ما روج لها اهل التاريخ التابعين لبلاطات بين العباس. اذ انهم اوردوا رواية في الحوار بين الامام الحسين ع وابن الزبير ايام كونه بمكة اذ قال عبد الله بن الزبير: ماذا تريد ان تصنع؟ فقال الحسين ع: والله لقد حدثت نفسي بإتيان الكوفة ولقد كتب الي شيعتي بها واشراف اهلها واستخير الله([2]).
والرواية كما قلنا لا تجزم بخطة الحسين للذهاب الى الكوفة والاستقرار بها وو.. فهو يقول حدثت نفسي بإتيان الكوفة، فلم تظهر الرواية حزما او جزما بالذهاب اليها كما لا يخفى على المتأمل البصير.
([1]) ابن اعثم، الفتوح، ج٥: ص٣٦، ومقتل الخوارزمي، ج١: ص١٩٦.
([2]) السيد مرتضى العسكري واخرون، الصحيح من سيرة الحسين ج12 ص29.مؤسسة التاريخ العربي بيروت 2009.