عقيل الحمداني هل كان لمسلم بن عقيل انصار من المحاربين معه ؟

    الابحاث والمقالات

    هل كان لمسلم بن عقيل انصار من المحاربين معه ؟

       
    647 مشاهدة   |   0 تقييم
    تحديث   03/01/2019 4:38 مساءا

    حاولت كتابات التنظير العباسي والاعلام الاموي ان تسئ لنهضة سيدنا مسلم بن عقيل - عليه السلام - كثيرا وتحرف النصوص التي تشير الى تحقيق مسلم - عليه السلام - غايته من النهضة وان استشهد في نهاية المطاف . والظاهر أنّ قوات مسلم  لم تدحر مجموعة محمد بن الأشعث فحسب بل دحرت كلّ المجاميع التي أخرجها ابن زياد لرفع رايات الأمان ولتخذيل الناس عن مسلم - عليه السلام - واعتقال من يمكن اعتقاله من الثوّار، والدليل على هذا أنّ قادة هذه المجاميع مع مجاميعهم عادوا الى القصر مرّة أخرى، والأظهر أنهم عادوا منهزمين مقهورين، وعبيد اللّه بن زياد أكثر منهم انكساراً وخوفاً، تقول رواية الطبري: «فلما اجتمع عند عبيد اللّه كثير بن شهاب، ومحمّد، والقعقاع، فيمن اطاعهم من قومهم، فقال له كثير- وكانوا مناصحين لابن زياد- أصلح اللّه الأمير، معك في القصر ناس كثير من أشراف الناس ومن شُرطك وأهل بيتك ومواليك، فاخرج بنا إليهم! فأبى عبيداللّه، وعقد لشبث بن ربعي لواءً فأخرجه!» ([1]).

    ومن يراجع بعض كتابات العصريين ممن درس نهضة مسلم - عليه السلام - يرى انهم لم يشييروا الا النادر منهم الى قتال الشوارع الكثيف الذي حصل بين قوات مسلم بن عقيل - عليه السلام - وبين جيش الحكومة الاموية انظر الى قول ابن أعثم الكوفي: « وركب أصحاب عبيد اللّه، واختلط القوم، فقاتلوا قتالًا شديداً ..» ([2]).

    ويؤيده قول ابن نما (ره) الذي نقل صورة أوسع زمانيا بان امتد القتال بين كتائب مسلم بن عقيل ×وقوات ابن زياد الى الليل : « واقتتلوا قتالًا شديداً إلى أن جاء الليل» ([3]).

    وهذه كما تعلمون نصوص ذكرها أصحاب الاختصاص تثبت بصراحة وجود معارك عسكرية وقتال شديد بين قوات شيعة مسلم ×وقوات ابن زياد الدعي ..لكن انظر النقل التاريخي التقليدي بلا تمحيص او دراية او تحقيق كيف أوصل هذا الكاتب الى تغيير الحقائق وطمسها ،قال بعض الكتاب:(ومني جيش مسلم بهزيمة مخزية لم يحدث لها نظير في جميع فترات التاريخ، فقد هزمته الدعايات المضللة من دون أن تكون في قباله أية قوة عسكرية، ويقول المؤرخون :ان مسلما كلما انتهى الى زقاق انسل جماعة من اصحابه، وفروا منهزمين وهم يقولون :" ما لنا والدخول بين السلاطين ! "

    ولم يمض قليل من الوقت حتى انهزم معظمهم، وقد صلى بجماعة منهم صلاة العشاء في الجامع الاعظم فكانوا يفرون في أثناء الصلاة ، وما انهى ابن عقيل صلاته حتى انهزموا باجمعهم بما فيهم قادة جيشه..).

    قلنا : وهذه افضع من تلك ان تتهم قيادات جيش مسلم بن عقيل - عليه السلام -بأجمعها بالانهزامية والخيانة اعتمادا على رواية مدلس كذاب هو المجالد بن سعيد فهذه جناية ليس بمثلها جناية ،وفرية تسئ لمقام اولئك الصفوة من قيادات اهل الكوفة ..فلو كان مسلم بن عوسجة او ابو ثمامة الصائدي وهما من قيادات حركة مسلم عليه السلام ومن ثم من ابطال كربلاء ..فلو كانا من المنهزمين كما حاول التاريخ ان يشيع ذلك ، لكان الامام الحسين عليه السلام  قد قام بمحاسبتهما عندما حضرا بين يديه يوم كربلاء وحملهما دماء مسلم بن عقيل - عليه السلام - وشيعته التي اريقت ،ولكان الامام اغلظ لهما القول وطردهما من عرصة كربلاء الا ان يقال ان جيش الامام الحسين عليه السلام يوم كربلاء كان مأوى للمنهزمين والفاشلين عسكريا وهذا ما لا نقول به ابدا وان حاول الاعلام الاموي ان يشيع ذلك .

    وابو ثمامة هو الذي قال له الامام الحسينعليه السلام في وقعة كربلاء ذكرت : « ذكرت الصلاة ، جعلك الله من المصلّين الذاكرين ، نعم ، هذا أوّل وقتها »([4]) ولم يرد نص عن الحسين عليه السلام

    قال ابن حجر([5]): ( وكان صحابيّا ممّن رأى رسول الله ، وروى عنه الشعبي. وكان فارسا شجاعا ، له ذكر في المغازي والفتوح الإسلاميّة..)..فلو كان من المتخاذلين عن مسلم بن عقيل - عليه السلام -او من القيادات المنهزمة لما وقف عليه الامام الحسين عليه السلام يوم كربلاء وترحم عليه فقد روي : فلمّا انجلت الغبرة إذا هم بمسلم بن عوسجة صريعا ، فمشى إليه الحسين عليه السلام فإذا به رمق ، فقال له الحسين عليه السلام : « رحمك الله يا مسلم { فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَما بَدَّلُوا تَبْدِيلاً } ([6]

    اضف الى ذلك ان هنالك بعض المتون التاريخية تشير إلى وقوع قتال شديد ، فرواية إبن أعثم الكوفي تقول : (وركب أصحاب عبيد ألله ، وإختلط القوم ، فقاتلوا قتالا شديدا ، وعبيد ألله بن زياد  وجماعة من أهل الكوفة قد أشرفوا على جدار القصر ينظرون إلى محاربة الناس) .

    وأما إبن نما رحمه ألله فيروي خبرا خاصا في محتواه ويستفاد من روايته أن القتال الشديد بين الطرفين قد إستمر إلى الليلكما قدمناه سابقا، بل ويضيف هنا ان مسلما عليه السلام وجيشه حاصروا ابن زياد في دار الامارة بالكوفةيقول رحمه الله : (ولما بلغ مسلم بن عقيل رضوان ألله عليه خبره خرج بجماعة ممن بايعه إلى حرب عبيد الله ..، فتحصن بدار ألإمارة ، وإقتتلوا قتالا شديدا إلى أن جاء الليل) .

     

    ويبدو ان مسلم بن عقيل عليه السلام من جراء شدة القتال في الشوارع الذي قدره البعض بليلة او 3 ليالي كان قد وصل الى دار طوعة مجروحا .

    يقول ابن أعثم الكوفي: «فما غابت الشمس ...، وقد أُثخن بالجراحات، حتى صار إلى دار امرأة يُقال لها طوعة ..» ([7]).

    وقد أشارت رواية الفتوح اعلاه إلى أنّ مسلماً ×كان قد أُثخن بالجراحات، الأمر الذي يدلُّ على أنه عليه السلام خاض المعارك التي دارت حول القصر بنفسه، ولم يكن قائداً موجِّهاً مرشداً فحسب، وهذا فضلًا عن كونه دليلًا على شجاعته ×، فهو دليل أيضاً على نشوب القتال حول القصر، وعلى أنّ الثوّار كانوا قد حاولوا اقتحامه بالفعل!

     


    ([1]) الطبري ،تاريخ الرسل والملوك ج٣: ص٢٨٧.

    ([2]) ابن اعثم ،الفتوح: ج ٥ص ٨٦.

    ([3]) ابن نما ،مثير الأحزان:ص ٣٤.

    ([4]) ابن حجر في الإصابة :ج ٦ ص٩٦ ، الرقم ٧٩٧٨.

    ([5]) الطبري ،  تاريخ الطبري : ٣ ص ٣٢٦.

    ([6])سورة الاحزاب اية 29 . النص ذكره الطبري ،تاريخ الطبري :ج ٣ ص ٣٢٥ .

    ([7])ابن الاعثم ،الفتوح،  ج٥:ص ٨٧ - ٨٨.



    comments تعليقات

    الاسم

    البريد الالكتروني

    نص التعليق
    0/2000




    جميع الحقوق محفوظة لدى شركة ميديا لايف
    3:45