تحديث
27/12/2018 9:21 صباحا
حقيقة ان هناك نصوص حاول بها المؤرخ ابن الاثير ان يسقط هيبة السفارة لمسلم بن عقيل - عليه السلام - ، باعتبار ان مسلم - عليه السلام - لم يكن كفوءا من حيث الادارة ولا من حيث التخطيط اللوجستي والاستراتيجي ولا من حيث الاتصال مع القاعدة و القائد ـ وحاشاه طبعا ـ .
ومن تلك النصوص هذا النص التاريخي: ثم دعا الحسين مسلم بن عقيل فسيره نحو الكوفة، قال فأقبل مسلم نحو المدينة([1])، هذا أول خرق.
فحسب هذا النص العباسي نجد ان هذا السفير لا يطيع قائده، كما يريد ابن الاثير ان مسلم ـ مسلم في نص ابن الاثير ـ لا يطيع القيادة وبالتالي اي تحرك سوف يقوم به مسلم في المستقبل قد لا يعبر عن توجهات الحسين بن علي - عليه السلام - وقد لا يعبر عن ايدلوجية الثورة وبالتالي يسقط عن الاعتبار.. هذا بمن يذكرنا ! باطروحة السقيفة (إن الرجل ليّهجر).
اضف الى ذلك ان المدينة كانت مضروبة بطوق امني، فكما نعلم ان الامام الحسين - عليه السلام -خرج فجرا بقوته وكان يسابق الزمن مع السلطة.
فكيف يمكن لمسلم بن عقيل - عليه السلام - ان يدخلها بسهولة.. فالإمام الحسين- عليه السلام - اعلن الثورة في مكة وبصراحة انه سيتوجه الى كربلاء يعني أعلن الثورة، هل من المعقول ان احد كبار زعامات المعارضة سيتوجه الى معقل السلطة في المدينة، أضف الى ذلك ماذا يصنع مسلم في المدينة المنورة يومها؟!
ان زيارة النبي صلى الله عليه واله والبعد الروحاني والمعنوي الذي تعطيه زيارة النبي صلى الله عليه واله مهم جدا، لكن ماذا يصنع في المدينة وهي مطوقة عسكريا وربما يعتقل بأي لحظة.
أضف الى ذلك مسألة مهمة جدا وهي ان مسلم لا بُد ان يسابق الزمن للوصول للكوفة، لان الامام الحسين - عليه السلام - يعلم وإن هناك احاديث من النبي صلى الله عليه واله تشير الى وجود ترتيب إلهي انه في يوم العاشر من محرم سيُقتل لذا لابد ان يسابق الزمن وان يجمع اكبر عدد من الانصار ويرسلهم لكي يكونوا مع الامام - عليه السلام - في تلك الموقعة العظمى.
إذن لماذا كل هذا الوقت يذهب هباءً؟ ففي تقويم حركة مسلم - عليه السلام -، ان مسلم بن عقيل - عليه السلام -خرج يوم الخامس عشر من شهر رمضان من مكة ووصل الى الكوفة يوم الخامس من شوال يعني ما يقرب من عشرين يوما قضاها في الطريق.
فإذا قطع مسلم بن عقيل × المسافة بين مكة الى المدينة في 5 ايام ثم سار من المدينة الى الكوفة بما يقرب من 25 يوم وبالتالي لعله في ما يقرب من 27 يوما حتى يصل بها مسلم بن عقيل - عليه السلام - الى الكوفة، لذا هذه القضية اراد بها ابن الاثير ان يشكك في مصداقية وكفاءة مسلم - عليه السلام -.
وهنالك قضية انا اتصورها مؤلمة جدا يعني كيف كان لمسلم - عليه السلام -- عليه السلام - ان يكتب للإمام الحسين - عليه السلام -بخبره لحظتها، فالعلامة ابن الاثير في الكامل قال: وسافر([2]) سنة 60 للهجرة ومعه ثلاثة قيس بن المسهر الصيداوي و عمارة بن عبد الله و عبد الرحمن الاسدي ومع الدليلين.. الدليلان ماتا، فكم بقي مع مسلم - عليه السلام -! ثلاثة.. حسنا هؤلاء كل فرد منهم لديه رسالة وهم رجال ثقات ولديهم تكليف.. فهل من المعقول انه مسلم بن عقيل - عليه السلام - يغامر بأحد السفراء الاخرين ويقوم بإرساله الى مكة وينتظر في ذلك المكان الذي هو بطن الخبت من اجل ان تصل الرسالة..ويرجع اليه جوابها وكم تحتاج هذه الرسائل من الوقت حتى تذهب ويرجع الجواب الذي يكون فيه التكليف الجديد لمسلم بن عقيل - عليه السلام -.
ويقول ابن الاثير فكتب مسلم الى الحسين- عليه السلام - حسنا لماذا لم يعطينا النص اسم رسول مسلم - عليه السلام - الذي ارسله الى الحسين بن علي - عليه السلام -.. وكان لمسلم ثلاثة رجال ثقات مر ذكرهم وكل هؤلاء سفراء لديهم ما يسمى بالسفارة البريدية يعني يتحركون الى اي مكان يرسلون اليه ويغطون الاخبار ويرسلونها الى القائد من اي محطة او اقليم.
([1]) الكامل في التاريخ، ابن الاثير، ج4، ص 9.
([2]) الكامل في التاريخ، ابن الاثير، ج4، ص 9.