تحديث
06/08/2018 2:41 مساءا
|
لعل سائلًا يسأل عمّا جاء في المأثور عن المعصومين -عليهم السلام- أنّهم قالوا ): إنّ العباس بن علي زُقَّ العلم زقًا ) ثمرات الأعواد .ج1 ص105. فما معنى ذلك ؟؟ فلنقف أوّلًا عند معنى مفردة(زُقّ )في اللغة العربية فقد جاء في مختار الصحاح للجوهري و زَقَّ الطائر فرخه أطعمه بفيه وبابه رد. وفي لسان العرب : الزَّقّ مصدر زَقَّ الطائرُ الفَرخَ يزُقُّه زَقّاً وزَقْزَقَه غَرّه وزَقَّه أَطعمه بفِيه. يقول العلّامة المحقّق المرحوم السيد عبدالرزاق المقرم في كتابه قمر بني هاشم :( وهذا من أبدع التشبيه و الاستعارة ، فإنّ الزقّ يستعمل في تغذية الطائر فرخه حين لم يقوَ على الغذاء بنفسه ، و حيث استعمل الإمام علي -عليه السلام- وهو العارف بأساليب الكلام هذه اللفظة هنا نعرف أنّ أبا الفضل -عليه السلام- كان محل القابليّة لتلقّي العلوم و المعارف منذ كان طفلًا رضيعًا كما هو كذلك بلا ريب). وقال العلّامة المامقاني في شأنه -عليه السلام- :( وقد كان من فقهاء أولاد الأئمة).وقال العلّامة محمد باقر البيرجندي: (إنّ العباس من أكابر الفقهاء و أفاضل أهل البيت ، بل إنّه عالم غير معلّم ، وليس في ذلك منافاة لتعلم أبيه إياه)( العباس بن علي بطل النهضة الحسينية ,للسيد أبي القاسم الديباجي. ط 1 – 1997-ص36 – 37..). وهذا يدلّ على أنّ من خصائص أبي الفضل العبّاس -عليه السلام- وامتيازه على معاصريه من سائر بني هاشم وغيرهم هو تفوّقه في العلم والمعرفة ، والفضل والكمال؛ وذلك لملازمته -عليه السلام- لثلاثة من الأئمّة المعصومين ، وتتلمذه على يدهم ، وطلب العلم لديهم .وكان أوّل هؤلاء المعصومين الذين لازمهم أبو الفضل العبّاس -عليه السلام- ، وتتلمذ على يدهم هو أبوه الإمام أمير المؤمنين -عليه السلام- ، وهو الذي روي عنه أنّه قال :( يُرخى الصبي سبعاً ، ويؤدّب سبعاً ، ويستخدم سبعاً ، وينتهي طوله في ثلاث وعشـرين ، وعقله في خمس وثلاثين ، وما كان بعد ذلك فبالتجارب) بحار الأنوار: ج101 ص 96 الحديث 46...وقال رسول الله صلى الله عليه واله قبل ذلك : (الولد سيّد سبع سنين ، وعبد سبع سنين ، ووزير سبع سنين ، فإن رضيت أخلاقه لأحدى وعشـرين وإلاّ فاضرب على جنبه ؛ فقد أعذرت إلى الله تعالى )وفسّر ذلك حفيده الإمام الصادق -عليه السلام- المروي عنه قوله : ( دع ابنك يلعب سبع سنين ، ويؤدّب سبعاً ، وألزمه سبع سنين ، فإن فلح وإلاّ فلا خير فيه) بحار الأنوار:ج101 ص 96 الحديث 46.. وفي رواية اُخرى أنّه -عليه السلام- قال : ( احمل صبيّك حتّى يأتي عليه ست سنين ، ثمّ أدّبه في الكتاب ست سنين ، ثمّ ضمّه إليك سبع سنين فأدّبه بأدبك ، فإن قبل وصلح وإلاّ فخلّ سبيله ) بحار الأنوار: ج101 ص 96 وجاء في الخبر : ( العلم في الصغر كالنقش في الحجر ) ، بخلاف العلم في الكبر فإنّه ليس كذلك .فالإمام أمير المؤمنين -عليه السلام- نظراً إلى أنّه هو إمام علم النفس والاجتماع ، والتربية والتعليم ، والأخلاق والآداب ، وقد أدرك عنده نجله أبو الفضل العبّاس -عليه السلام- أربعة عشر عاماً من عمره ، فعلى فرض أنّه تركه يلعب سبعاً فقد أدّبه سبعاً ، وعلّمه من علومه ما يجب أن يعلّمه فيها ، وثقّفه بثقافته ما يلزم تثقيفه بها ، وذلك في هذه السنوات السبع المهمّة من عمر أبي الفضل العبّاس -عليه السلام-.
|