تحديث
14/10/2017 10:14 صباحا
المعجم الشامل لمعركة كربلاء - الشيخ عقيل الحمداني
أهذه كربلاء ؟
نزل الامام الحسين ع ارض كربلاء الفداء يوم الثاني من محرم سنة 61 للهجرة وانزل عياله واهل بيته :
قال ابن أعثم الكوفي: ( أنّ الإمام الحسين ع لمّا نزل كربلاء أقبل إلى أصحابه فقال لهم: أهذه كربلاء؟ قالوا: نعم. فقال الحسين لأصحابه: انزلوا، هذا موضع كرب وبلاء، هاهنا مناخ ركابنا، ومحطّ رحالنا، وسفك دمائنا! قال: فنزل القوم، وحطّوا الأثقال ناحية من الفرات، وضُربت خيمة الحسين لأهله وبَنيه، وضربَ عشيرته خيامهم من حول خيمته) ([1]).
قال المرحوم السيّد المقرّم &: (لا تذهب على القارئ النكتة في سؤال الحسين ×عن اسم الأرض - وكلّ قضايا سيّد الشهداء غامضة الأسرار - والإمام عندنا معاشر الإمامية عالِم بما يجري في الكون من حوادث وملاحم، عارف بما أودع الله تعالى في الكائنات من المزايا؛ إقداراً له من مبدع السماوات والأرضين تعالى شأنه...
وكان السرّ في سؤاله ع عن اسم الأرض التي مُنعوا من اجتيازها، أو أنّ الله تعالى أوقف الجواد كما أوقف ناقة النبي’ عند الحديبية، أن يُعرّف أصحابه بتلك الأرض التي هي محلّ التضحية الموعودين بها بإخبار النبيّ، أو الوصيّ صلّى الله عليهما؛ لتطمئنّ القلوب، وتمتاز الرجال، وتثبت العزائم، وتصدق المفاداة، فتزداد بصيرتهم في الأمر والتأهب للغاية المتوخّاة لهم، حتّى لا يبقى لأحد المجال للتشكيك في موضع كربلاء التي هي محل تُرتبه.
وهذا باب من الأسئلة يُعرف عند علماء البلاغة بـ (تجاهل العارف)، وإذا كان فاطر الأشياء الذي لا يغادر عِلمه صغيراً ولا كبيراً يقول لموسى ع:{ وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَىٰ} ([2]). ، ويقول لعيسى ع:{أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ} ([3]). ، لَضربٌ من المصلحة....فالإمام المنصوب من قِبله أميناً على شرعه لا تخفى عليه المصالح.
كما أنّ سيّد الشهداء ع لم يكن في تعوّذه من الكرب والبلاء عندما سمع باسم كربلاء متطيّراً؛ فإنّ المتطيّر لا يعلم ما يرد عليه، وإنّما يُستكشف ذلك من الأشياء المعروفة عند العرب أنّها سبب للشرّ، والحسين ععلى يقين ممّا ينزل به في أرض الطفّ من قضاء الله، فهو عالم بالكرب الذي يحلّ به وبأهل بيته وصحبه، كما أنبأ عنه غير مرّة) ([4]).
([1])ابن اعثم ،الفتوح:ج ٥: ص١٤٩.
([3]) سورة المائدة : 116 .
([4]) المقرم ،مقتل الحسين ×:ص ١٩٣ – ١٩٤.